مساحة إعلانية

رفع الحد الأدنى للأجور في لبنان: خطوة إنقاذية أم مجازفة؟

مساحة إعلانية
لبنان الأزمة الاقتصادية
مساحة إعلانية

في خطوة جريئة تُظهر حجم الضغوط الاجتماعية والمعيشية التي تتسبب فيها الأزمة الاقتصادية الخانقة، أقرّ مجلس الوزراء في لبنان رفع الحد الأدنى الرسمي للأجور في القطاع الخاص إلى 28 مليون ليرة لبنانية (ما يعادل 312 دولارًا)، بدءًا من الشهر المقبل. القرار الذي يأتي وسط انكماش اقتصادي متفاقم. أعاد إلى الواجهة تساؤلات عميقة حول قدرة الدولة على تحمل أعباء مالية إضافية دون إصلاحات بنيوية شاملة.

وبموازاة ذلك، وافقت الحكومة على تعديل قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص. بهدف استقطاب استثمارات لإنعاش قطاعات حيوية مثل الكهرباء والاتصالات والمياه، رغم التحديات التشريعية والهيكلية المستمرة منذ سنوات.

بين الحاجة والإنهاك المالي

الرفع الأخير في الأجور يمس القطاع الخاص فقط، ما يجعله نظريًا خارج التمويل المباشر من الخزينة العامة. إلا أن تأثيره غير المباشر على الدورة الاقتصادية، والضغط على الأسعار، والمناخ الاستثماري، يثير قلق الخبراء.

الاقتصادي وليد أبو سليمان اعتبر الخطوة ضرورية من الناحية الاجتماعية، لكنها متأخرة. محذرًا من انعكاسها التضخمي في حال غياب موارد مالية حقيقية. أما الباحث نبيل سرور، فشدّد على خطورة اتخاذ قرارات “ارتجالية” دون رؤية مالية واضحة، مستحضرًا تجربة سلسلة الرتب والرواتب التي سبقت الانهيار المالي عام 2019.

الشراكة بين القطاعين: نافذة أمل أم خطر مكرر؟

في مسعى للخروج من الأزمة، وضعت الحكومة على الطاولة مشروع قانون معجّل لتعديل الإطار القانوني للشراكة بين القطاعين العام والخاص. سعياً لجذب رساميل واستثمارات في البنى التحتية المهترئة.

الخبير أنيس أبو دياب أوضح أن هذه الشراكة، المُعطّلة منذ إقرارها في 2017، تحتاج إلى مرسوم تطبيقي وآليات واضحة للحوكمة والمساءلة. محذرًا من تحولها إلى بوابة جديدة للفساد إن لم ترافقها بنية رقابية مستقلة.

السياحة والتحويلات: رافعتان هشتان

ووسط تراجع الصناعات والإيرادات الضريبية، تعتمد الدولة بشكل شبه كلي على القطاع السياحي وتحويلات المغتربين. اللذين شكلا شريان الحياة المالي منذ 2022. ورغم توقعات بموسم صيفي واعد هذا العام، فإن التوترات الإقليمية، لا سيما ما بين إسرائيل وإيران، تلقي بظلالها على هذه الآمال.

وفي حال استمرار التهدئة وتنفيذ الإصلاحات، يتوقع أن تبلغ الإيرادات السياحية بين 5 و6 مليارات دولار، أي نحو ربع الناتج المحلي، لكنها تظل أرقامًا مشروطة بالاستقرار الذي لا تملك الحكومة ضمانه.

  هل بدأ الإنقاذ أم عاد لبنان إلى المجهول؟

في ظل مؤشرات متضاربة، يبدو القرار الحكومي برفع الحد الأدنى للأجور أشبه بمحاولة إنقاذ اجتماعي أكثر منه إجراء اقتصادي محسوب. وبين غياب التمويل المستدام، وانكماش الإيرادات، وضعف بنية الدولة، تتزايد المخاوف من أن تكون هذه الخطوة مغامرة قد تعمّق الاختلالات بدل إصلاحها.

وإلى حين بلورة خطة اقتصادية شاملة وعادلة، يبقى لبنان معلقًا بين خطوات منفردة وأزمات هيكلية مزمنة… ومواطن ينتظر الحد الأدنى من الأمان.

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
تعليقات (0)